Loading Events
This event has passed.

هو يوسف بن اسطفان نعمة، وكريستينا بَدْوي خالد من قرية لحفد، قضاء جبيل. وهو صغير العائلة المؤلّفة من اربعة أشقّاء وشقيقتين. ولد يوسف في 8 أذار سنة 1889 واقتبل سر العماد بعد اسبوع من ولادته، في كنيسة السيدة في لحفد، على يد الخوري جرجس فاضل. تعلّم مبادئ القراءة والكتابة والحساب والتعليم المسيحي في مدرسة لحفد. وكان يشترك في القداس الإلهي كل صباح بخشوع ويحسن قراءة الرسائل . واعتاد ان يرعى مواشي أهله مع رفاقه الصغار في البراري، حيث يأوون معاً الى معبدٍ قديم على اسم القديس سابا ويصلّون طويلاً.

فَـَقَـدَ والده سنه 1903 ثم فـَقَـدَ والدته سنة 1914 وفي سنة 1905 وهو في سن السادسة عشرة انسحب خفية عن أهله وقصد دير مار قبريانوس ويوستينا في كفيفان للترهّب ملبيّاً نداء الرب للتكرّس في الرهبانية اللبنانية المارونية، لَحِقَ به اخوته فلم يُذعن لهم وكان جوابه: “الى هنا جئت وهنا أموت” . لبس ثوب الابتداء، واتخذ له اسم اسطفان، تيمناً باسم والده وشفيع قريته لحفد. تتلمذ على يد طيّب الذكر، معلّم المبتدئين آنذاك الأب اغناطيوس داغر التنّوري.

كان اسطفان مسرورا جدا بدعوته وذلك بشهادة معلّمه: “كان سالكاً بحفظ القوانين بكلّ نشاط ومحبة، وبإعطاء المثل الصالح لإخوته”.

أبرز نذوره الرهبانية في 23 آب سنة 1907 وكان له من العمر 18 سنة، فآكمل سيرته المقدّسة بحفظ القوانين والمشورات الإنجيليّة الطّاعة والعفّة والفقر، طلباً للكمال.

استبشر به رؤساؤه خيرا لما عهدوه فيه من روح طاعة وبساطة ووداعة فكان قليل الكلام يعمل بصمت ورصانة بما أتقنه من فنّ النجارة. امتاز بلطفه لا يغضب بل كان طويل الروح خفيف الظل سهل المعاشرة ليّن العريكة لا يصيح ولا يماحك ولا يتأفف ولا يتذمر من معاملة أحد ولا تفارق الابتسامة وجهه . أمضى حياته في الرهبانية عاملا في الجنائن والكروم وكان رئيس حقله فأحبه العمال في الدّير حبّاً كبيراً لأنه كان يحبهم ويحترمهم جميعا ويدافع عنهم لكنه لم يكن يسمح لأيّ منهم بأن يتفؤّه بكلام غير لائق . لم يرفض يوما عملا أوكل إليه، ولم يسمح لأي منهم أن يتفوّه بكلام غير لائق. لم يرفض يوماً عملاً أوكل إليه ولم يسعَ إلى مركز في حياته الرّهبانية. صرف حياته الرهبانية عاملا في الأرض ومصليّا. لم يعرف البطالة في حياته. كان كل ما عمله تحت نظر الرب ولهذا كان يردد دوماً على مسامع إخوته الرهبان عبارته الشهيرة “الله يراني”

وفي اثناء الحرب العالمية الأولى 1914-1918 ساعد الفقراء والمعوزين بكَرَمٍ وعطفٍ وحنان ومحبة فائقة بتوصية من السلطة الرهبانية.

كان راهبا تقيا صالحا كثير الصلاة والتأمل مثابرا على زيارة القربان الأقدس. وعمله اليدوي صلاة دائمة. والمسبحة   صلاته اليوميّة يرددها على مدى النّهار بالإضافة إلى صلوات الفرض الرّهباني الخاص وعندما كان يرتل يا ام الله يا حنونة كان يتأثر الجميع لدى سماعه صوته الشجي الناعم وخاصة عندما كان يصرخ قارعاً صدره: تشفعي فينا يا عذراء” فهو أول من يدخل الكنيسة عند الصباح وآخر من يغادرها ليذهب حالا الى اعماله اليدوية الموكلة إليه.

تنقل الأخ اسطفان نعمة بين اديار الرهبانية: فمن دير  ميفوق من سنة 1907 الى 1910، انتقل بعدها الى دير مار انطونيوس حوب في تنورين من 1910 حتى 1913، ليعود مجدداً الى ميفوق ويبقى فيه حتى سنة 1922. عيّن بعدها في دير مار مارون عنايا حتى سنة 1925ومن ثم الى دير مار شليطا القطارة من 1925 الى 1928، فإلى دير سيدة المعونات(مركز الرئاسة العامة حينها والأخوة الدارسين) وبقي حتى سنة 1938. مع تعيين الأب انطونيوس نعمة اللحفدي رئيساً على دير كفيفان، أخذ معه الأخ اسطفان. وكان ذلك في شباط 1938.

واستمر يعمل في أرزاق دير كفيفان حتى تاريخ وفاته في 30 آب 1938عن عمر 49 سنة. وقد كان الأخ اسطفان قبل وفاته ببضعة أيام، ذهب الى دير ميفوق بهدف تحديد الأراضي لأن الرهبانية كانت قد اشترت من بعض شركاء دير ميفوق بعض الأملاك في الحرب، وكان البائعون قد أخفوا التخوم، ليختلسوا ما باعوا. فذهب الأخ اسطفان للكشف عن هذه التخوم التي يعرفها جيداً، مذ كان في دير ميفوق، فرفع التراب عنها فبانت كما كانت حين الإتفاق على البيع. ولكن أشعة الشمس والحر الشديد حينها أثّر فيه سلباً فاصابته وعكة صحيّة، تلاها دور حمى، ثم سكتة دماغية كانت فيها نهاية حياته. وقد دفن في دير كفيفان حيث بقي جثمانه سالماً، وحين فتحت المقابر لدفن الأب يوسف الصوراتي، وجدت الجثة كاملة ولم يتآكلها الهري والثياب لم يدخلها السوس.

لقد تمت بشفاعة الأخ إسطفان شفاءات عديدة خارقة وعجائب مختلفة، منها شفاءات من أمراض جلدية أو سرطانية وغيرها جعلت صيته منتشراً. وفي 27 تشرين الثاني 2001 تقدّمت الرهبانية اللبنانية بطلب افتتاح دعوى تطويب الأخ اسطفان وتقديسه من قبل راعي أبرشية البترون المارونية، فكانت لجنة من رهبان وكهنة وإختصاصيين لإنجاز الملف المطلوب ورفعه الى مجمع دعاوى القديسين، فتمّ قبول الملف بداية سنة 2002، بعدها صدر الأمر بإقفال المدفن بالشمع الأحمر والإمتناع عن مسّ الجثمان. وفي 17 كانون الأول 2007 أعلن قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر البار الأخ اسطفان مكرّماً وسمح بأن يجري احتفال تكريمه في قريته لحفد، فكانت هذه أول مرة يجري فيها مثل هذا الإحتفال في لبنان.

في 16 أذار 2010 انعقد مؤتمر الكرادلة في مجمع القديسين لدراسة ملف تطويب المكرّم الأخ اسطفان نعمة والأعجوبة المنسوبة اليه وقد جاء التصويت بالإجماع ورفع الملف الى صاحب القداسة الذي وافق على إعلان الأخ اسطفان نعمة اللحفدي طوباوياً ويحتفل بعيده سنوياً في الكنيسة المارونية في 30 آب وهو ذكرى ولادته في السماء. صلاته معنا آمين.

مقتطفات عن ابرز المحطات التي طبعت سيرة حياة الطوباوي الأخ اسطفان نعمة